أرشيف

جدل باليمن حيال قانون العدالة الانتقالية

جدل واسع باليمن أثاره مشروع (قانون العدالة الانتقالية)، الذي تعتزم الحكومة اليمنية تقديمه إلى مجلس النواب، أواخر الشهر المقبل، ويرى مختصون أن القانون المقترح دونه عقبات عديدة، بينما يرفضه ممثلو أسر شهداء الثورة، ما لم ينص على محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.

وقال وزير الشؤون القانونية باليمن، الدكتور محمد المخلافي إن (قانون العدالة الانتقالية) يهدف -عبر تحقيق شامل- إلى كشف الحقيقة، ومعرفة ما جرى من جرائم قتل المتظاهرين والمدنيين خلال الاحتجاجات السلمية عام 2011.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن التحقيق سيعتمد على الوثائق والمعلومات والبيانات التي ستحصل عليها هيئة الإنصاف والمصالحة، التي ستشكل قريبا وسيكون لها سلطة الحصول على المعلومات بكل الطرق التي تراها مناسبة، وسيتم الاستماع إلى الضحايا، ومن قضوا سيستمع إلى أهاليهم، كما سيستمع إلى الشهود.

وأشار إلى أن القانون سيشمل “جبر الضرر” الذي يتجاوز التعويض المادي إلى التعويض المعنوي، كما أن جبر الضرر ليس للأفراد وإنما للمجتمع كله بما في ذلك المناطق التي تضررت من المواجهات العسكرية.

ولفت المخلافي إلى أن وزارته عرضت مسودة القانون على الجمهور، وطلبت من الأحزاب والمهتمين إثراءه بالملاحظات، وقد تلقت الكثير من الملاحظات والآراء. وتحدث عن فريق قانوني يقوم بتصنيف المقترحات بشأن القانون، كما سيجري التشاور بشأنها مع الشركاء الدوليين الذين يتحملون مع اليمن أعباء النهوض بمهمة تحقيق العدالة الانتقالية.

وأكد أن قانون العدالة الانتقالية ليس شأنا يمنيا بحتا، موضحا أن هناك رقابة ومتابعة من الأمم المتحدة ومنظمات دولية معنية بالحقوق والحريات في اليمن، وخلال أسبوعين ستقوم الوزارة بإعداد صيغة نهائية لمسودة مشروع القانون، وستناقشه لجنة بمجلس الوزراء، وعقب ذلك سيقدم إلى مجلس النواب.

في المقابل قال رئيس مجلس أسر شهداء الثورة -شوقي الميموني- في حديث للجزيرة نت إنهم لن يعترفوا بأي قانون لا يحقق مطالب الثوار، ولا ينصف الشهداء والضحايا، ولا يمكن التعاطي مع قانون لا ينص على مساءلة الجناة والمسؤولين عن ارتكاب جرائم قتل المتظاهرين.

محاسبة القتلة


وأضاف أن مطالب أسر الشهداء تتمثل في تقديم القتلة ومن حرضهم إلى العدالة عبر قضاء مستقل كي ينالوا جزاء ما اقترفته أيديهم من جرم، مؤكدا أن حق الشهداء وأسرهم في القصاص من القتلة، يكفله الشرع والقانون والأعراف الدولية.

كما طالب الميموني بالتعويض المادي لأسر الشهداء، إلى جانب الاعتراف بالجرائم والاعتذار عنها وتخليد ذكرى الشهداء والضحايا في الذاكرة الوطنية، وفقا للعدالة الانتقالية التي جرت في بلدان أخرى.

ورأى المحامي حزام المريسي في حديث للجزيرة نت أن الحد الأدنى من العدالة الانتقالية أن يتم كشف الحقيقة، التي تعني تحديد المسؤول عن ارتكاب الجرائم بحق الضحايا، ثم تأتي المصالحة التي تقوم على جانب معنوي ويتمثل في الاعتراف والاعتذار من قبل الجناة لأهالي الضحايا، وجانب مادي يتمثل في تعويض الضحايا وأهاليهم.

وقال المريسي إن ثمة إشكالية تقف أمام القانون سواء صدر أم لم يصدر، وتتمثل في بقاء المسؤولين المتهمين بارتكاب جرائم القتل من أبناء وأقارب وأعوان الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في مناصبهم بالسلطة، إلى جانب مدى القبول بالقانون على المستوى الشعبي وأهالي الضحايا، ورضا القوى السياسية به.

وأضاف أن مشروع القانون أعد بطريقة لا تتناسب مع الوقائع التي حدثت خلال العام الماضي، وأشار إلى أنه ورد في مشروع القانون تعريف بالعدالة الانتقالية، وأورد كشف الحقيقة، لكنه لم يتناولها في مواده اللاحقة، مشيرا إلى أن كشف الحقيقة يلزم تحديد الوقائع والأضرار والمسؤولين عن ارتكابها ويشمل ذلك الجهات المسؤولة والآمر بالقتل والمنفذين.

ولفت المريسي إلى أن القانون نص على تشكيل (هيئة الإنصاف والمصالحة)، ولم يتضمن آلية عمل بما يضمن حقوق الضحايا، وتساءل عن كيفية استقامة مفهوم المصالحة دون تحديد المسؤول عن الجرائم؟ مؤكدا وجود “أدلة يقينية” لدى النيابة تحدد المسؤول عن ارتكاب جرائم قتل المتظاهرين.

زر الذهاب إلى الأعلى